للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهؤلاء القدماء في الجاهلية والإسلام، فأين قول من احتججت به من قولهم! ولا نعلم أحدا قال في الغلام ما قال الحكميّ وهو من المحدثين. وأين يقع قوله من قول الأوائل الذين شبّبوا بالنساء! فدع عنك الرّقاشيّ ووالبة والخرّاز ومن أشبههم؛ فليست لك علينا حجّة في الشعراء.

وأخرى: ليس من قال الشعر بقريحته وطبعه واستغنى بنفسه، كمن احتاج إلى غيره يطرد شعره، ويحتذى مثاله، ولا يبلغ معشاره.

[٩- صفات المرأة الجميلة]

قال (صاحب الغلمان) : ظلمت في المناظرة ولم تنصف في الحجّة؛ لأنا لم ندفع فضل الأوائل من الشعرء، إنّما قلنا إنهم كانوا أعرابا أجلافا جفاة، لا يعرفون رقيق العيش ولا لذّات الدنيا؛ لأنّ أحدهم إذا اجتهد عند نفسه شبّه المرأة بالبقرة، والظبية، والحيّة. فإن وصفها بالاعتدال في الخلقة شبّهها بالقضيب، وشبّه ساقها بالبرديّة؛ لأنّهم مع الوحوش والأحناش نشؤوا، فلا يعرفون غيرها.

وقد نعلم أنّ الجارية الفائقة الحسن أحسن من البقرة، وأحسن من الظّبية، وأحسن من كلّ شيء شبّهت به.

وكذلك قولهم: كأنّها القمر؛ وكأنّها الشمس؛ فالشّمس وإن كانت حسنة فإنما هي شيء واحد، وفي وجه الإنسان الجميل وفي خلقه ضروب من الحسن الغريب، والتركيب العجيب. ومن يشكّ أنّ عين الإنسان أحسن من عين الظّبي والبقرة، وأن الأمر بينهما متفاوت! وهذه أشياء يشترك فيها الغلمان والجواري، والحجّة عليك مثل الحجّة لك في هذه الصفات

<<  <   >  >>