للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن هذا التغير في الظاهر والصورة والشكل هو عربون للفتنة في

الحقيقة والمضمون.

فعلى أهل الإسلام اليقظة والحذر. والسير على السَّنَنِ الأقوم،

والمنهج الأرشد من هدي الشريعة ودلها في أمرها ونهيها، واعتبار

مقاصدها، وليكونوا على حذر عظيم من مجارات أهل الأهواء والبدع،

والوقوع في الفتن المرققة للدين والمنابذةِ لشريعة رب العالمين.

وليعلموا أن للمخالفين ضراوة أشد من ضراوة السباع الكاسرة، وأنه

يداخل أهل الإسلام أقوام ما هم منه دأبهم إدباب الفساد في جسم الإسلام

النامي، ولا يحقرون من الوقيعة شيئاً. وأن من سَننهم جلب فاسد

الاصطلاح والرمي به بين المسلمين، فيكسون الحق بلباس الباطل وهذا

نصف الطريق، ثم ينخرون في الحقيقة بالتغيير، والتبديل والتحريف،

والتأويل حتى تُضْحي قضايا الشرع من شرع منزل إلى شرع مبدل أو

مؤول.

وعليهم أن يفهموا جيداً أن العصمة بقدر ما هي في حقائق الشريعة

فهي في ألفاظها ودوالِّها، ولهذا فإن العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى عقد

الفائدة التاسعة من فوائد المفتي وإرشاداته في: " إعلام الموقعين "

٤ / ١٧٠ - ١٧٢ إذا دعا المفتي إلى الاعتصام بلفظ الشارع ما أمكنه وأنا

أسوقه بتمامه لنفاسته وهذا نصه:

" الفائدة التاسعة: ينبغي للمفتي أن يفتي بلفظ النص مهما أمكنه؛ فإنه

يتضمن الحكم والدليل مع البيان التام، فهو حكم مضمون له الصواب،

متضمن للدليل عليه في أحسن بيان، وقول الفقيه المعين ليس كذلك،

وقد كان الصحابة والتابعون والأئمة الذين سلكوا على منهاجهم يتحرون

ذلك غاية التحري، حتى خلفت من بعدهم خُلُوف رغِبوا عن النصوص،

<<  <  ج: ص:  >  >>