وافد أجنبي عنها أسرع إليه من قالة السوء إلى أهلها، بل تبدي التباهي
وإظهار الفخار، وأن هذا من علائم التقدم والرقي ومن أسوء مظاهر
التبعيات الماسخة في جو تلكم الأهواء الهادرة منابذة مصطلحات الشريعة،
والإجهاز عليها بمصطلحات دخيلة مرفوضة لغة وشرعاً، وحساً ومعنى.
وما علم المتهافتون عليها أن وأد مصطلحاتهم أقبح من وأد أمتعتهم
وأموالهم. ولكن:
وإذا الفساد عرا المزاج فإنه ... يجد الدواء لديه عين الداء
وما ابتليت الأمة بشيء مثل ابتلائها بإهدار لغتها والزوال عن سننها
والحيدة عن معانيها وفي مقدمتها مواضعاتها الشرعية، فاستبعدت أسماء
الشريعة المطهرة، الواردة في التنزيل، وسنة النبي الكريم وعلى لسان
صدور الأمة من الصحابة فمن بعدهم من أساطين العلماء ونجوم الهدى
واستبدل بكل هذا لغة القانون المختلق المصنوع، وهي لغة إلى اللغو
أقرب، بل يقصر عن وصف قصورها، وعجمتها، وسماجتها يراع كل بليغ:
فبالله كيف تحولت تلك العقول من رفيع العزة والمكانة إلى حضيض الذلة
والمهانة:
أخذت بالحجة رأساً أزعراً ... وبالثنايا الواضحات الدردرا
وفد أضحى من سوالب هذا العدوان غربة مصطلحات الشريعة في
ديار الإسلام، واستحكام الانفصام بين المسلم وتراثه الأثيل.
يقول أبو الأعلى المودودي في كتابه: تدوين الدستور الإسلامي
ص / ٩ - ١٠ في بيان أن غرابة المصطلحات الشرعية على أهل هذا العصر
تُكوِّن عائقاً دون التدوين فقال تحت عنوان: