غرابة المصطلحات:
(المشكلة الأولى جاءت من جهة اللغة، وبيان ذلك أن الناس عامةً في
هذا الزمان، قليلاً ما يتفطنون لما ورد في القرآن وفي كتب الحديث والفقه
من المصطلحات عن الأحكام، والمبادئ الدستورية، ذلك بأن نظام
الإسلام السياسي قد تعطل فينا منذ أمدٍ غير يسير، فلا يكاد اليوم يسمع
بتلك المصطلحات. ففي القرآن الكريم كثير من الكلمات نقرؤها كل يوم
ولكن لا نكاد نعرف أنها من المصطلحات الدستورية، كالسلطان، والملك
والحكم، والأمر، والولاية، فلا يدرك مغزى هذه الكلمات الدستوري
الصحيح إلا قليل من الناس. ومن ثم نرى كثيراً من الرجال المثقفين
يقضون عجباً ويسألوننا في حيرة إذا ذكرنا لهم الأحكام الدستورية في
القرآن: أو في القرآن آية تتعلق بالدستور والواقع أنه لا داعي إلى العجب
لحيرة مثل هؤلاء الأفراد، فإن القرآن ما نزلت فيه سورة سميت بالدستور
ولا نزلت فيه آية بمصطلحات القرن العشرين) . اهـ.
هذا في خصوص مصطلحات الشريعة في جانب واحد من جوانبها،
وأما العدوان على جوانبها الأخرى خاصة في القضاء والإثبات وعلى
المواضعات اللغوية وفي أسماء العلوم، والفنون الأخرى والصناعات،
وأنواع التجارات.. فتضيق عليها دائرة الحصر، وتنتهي دونها أرقام
الحاسبين.
ومن مبلغ هذه التجاوزات والاعتداءات الأثيمة أن نفثة مولدة استشراقية
تنال من الأمة فرداً فرداً في كل دار وفي كل قطر - سرت في عقولنا وتراثنا
سريان الماء في العود حتى في علية الأمة من العلماء المفكرين، وهي
ذلكم الاصطلاح الحادث (الجنس السامي) بدلاً من المواضعة الأصيلة