لا يجوز المنع عن النشر والصنعة لمن يسجل تأليفه أو اختراعه لأن
منع أحد عن التصرف في الأمر المباح لا يخلو من وجهين:
أحدهما: أن يتم التصرف في ملك الآخر بلا إذنه.
والآخر: أن يؤدي هذا التصرف إلى إلحاق ضرر للفرد أو الجماعة.
والمسألة التي نحن بصدد بحث عنها تفقد هذين الوجهين لأن الناشر أو
الصانع لا يتصرف في ملك أحد بل يقوم بالكتابة وتوفير الأوراق ودفع أجرة
الطباعة من عنده. هذا وأن ما ينقل منه إما أن يشتريه أو يحصل عليه من
أي طريق مباح.
وأما حق التصنيف: فليس بمال. ولا يصلح أن يكون ملكاً لأحد بل
إن الحكومة الحاضرة كما أنها قررت أن يكون حقاً للأشياء الكثيرة التي
ليست بقابلة أن تكون حقاً. فهكذا قررت أن يكون هذا الشيء حقاً أي
حق التصنيف والاختراع (الإبداع) .
والوجه الثاني مفقود كذلك لأن الناشر لا يمنع المصنف ولا أحداً عن
النشر الذي هو سبب في إلحاق الضرر بل النشر يؤدي إلى حرمان المصنف
أو المبتكر من الغلاء ولا يضر الناس على منفعتهم الشخصية - فهذا ليس
بضرر بل تقليل للنفع والفرق ظاهر بين الضرر وتقليل النفع.
وقد صرح شمس الأئمة في المبسوط - كتاب السير والجهاد - بأنه لا
يجوز لأحد أن يكون سبباً في المضارة لأحد، ولكن لو نقص ربح فرد فهذا
جائز. فلو كثر عدد المحلات التجارية في السوق وأدى ذلك إلى نقص
الربح أو عدمه لشخص معين فعندئذ لا يقال إن التجار الآخرين ألحقوا
به الضرر، فلذا ليس من ثم مبرر عقلي أو نقلي على الحجر ومنع الناس