وإن هذه المظاهر القانونية والتنظيمية التي نراها اليوم في هذا الصدد
وغيره للحماية والدفاع عن الحقوق - وإن كانت ضرورة ملحة - لكنها من
مظاهر وجود التفلت الديني بضعف الوازع والسلطان الرادع الكامن في
النفوس، ومنه انتشرت أمراض الإغارة والانتحال والسرقة والسطو فأوجدت
للحد منها فالقضاء عليها إنما هو بمنهاج الله القويم: الإسلام وحده وتربية
النفوس عليه.
وفي مجلة عالم الكتب قال بعض الكاتبين (١) :
(أما موقف الإسلام من هذه الأمور ومن هذه السرقات ومن نسبة
الشيء إلى غير قائله فهذا ما لا نعرفه يقيناً، ولكن يخيل إليّ أن الإسلام
الذي شرع من أجل حماية المجتمع من السرقة المادية بطريقة صريحة كل
الصراحة وحاسمة لم يتطرق إلى مثل هذه الأمور بمثل تلك الموضوعية
والوضوح، ولم يصل إلى علمنا أن عوقب أحد ممن اتهم بالسرقة، لأن
إثبات ذلك صعب جداً، ولا سيما إذا احتيج إلى دليل حاسم كما هو
الحال في السرقة المادية، ولكن ذلك لا يعني أن الإسلام يبيح السرقة من
أي نوع أو يسكت عنها. ذلك أن الأخلاق في الإسلام هي لب الدين وهي
العمود الفقري للشريعة الإسلامية، لذلك لا شك أن أي نوع من السرقة
الأدبية هذه محرمة شرعاً. ولكن لم يعين لها عقوبة واضحة كما هو الحال
في سرقة النقود مثلاً. ونعتقد أن القوم اكتفوا آنذاك بالتعزير بسوء السمعة
والتشهير الذي يصيب الشخص السارق لمؤلفات الآخرين. ولكن هذا لا
يمنع من إصدار تشريع يضمن حقوق التأليف ويفرض عقوبات رادعة
للسارقين. وهذا يحتاج إلى تضافر جهود البلاد العربية والقيام بدراسات
(١) مجلة عالم الكتب ص / ٧١١ - ٧١٢.