للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورفعها عليه؟ أليس هذا أولى أن يكون مُحْبِطاً لأعمالهم؟ .

وقال تعالى: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ

عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} فإذا جعل من لوازم الإيمان أنهم

لا يذهبون مذهباً إذا كانوا معه إلا باستئذانه فأولى أن يكون من لوازمه أن

لا يذهبوا إلى قول ولا مذهب علمي إلا بعد استئذانه. اهـ.

فترتب من هذا الدليل أن الرد إلى قول مقنن أو مذهب معين ملزم به

هو رد إلى اجتهاد غير معصوم وبالتالي فلا يكون رداً محققاً إلى كتاب الله

تعالى وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكيف يتأتى الإلزام به؟ .

ثالثاً: إن مبنى الشهادتين على تجريد الإخلاص لله تعالى وتجريد

المتابعة لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي التقنين المُلْزم: توهين لتجريد توحيد الاتباع

وخدش لحماه، إذ أن حكم القاضي على خلاف ما يعتقده تقديم لقول

غير المعصوم على ما يعتقده عن المعصوم، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا

الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (١) ، ويقول سبحانه {يَوْمَ لَا

يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (٢) . والقلب الذي يعقد

حكماً على غير مراد الله ومراد رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس بقلب سليم فهو على خطر عظيم

إذا قدم على الله تعالى وهو كذلك.

وفي ضوء هاتين الآيتين يوضح ابن القيم رحمه الله تعالى هذا المعنى

فيقول (٣) :


(١) الآية رقم ١ من سورة الحجرات.
(٢) الآية رقم ٨٨ من سورة الشعراء.
(٣) إغاثة اللهفان ١ / ٧ - ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>