للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول غير قوله ولم يكن أحد منهم يتوقف في قبول ما سمعه منه على موافقة

موافق أو رأي ذي رأي أصلاً، وكان هذا هو الواجب الذي لا يتم الإيمان

ألا به وهو بعينه الواجب علينا وعلى سائر المكلفين إلى يوم القيامة. ومعلوم

أن هذا الواجب لم ينسخ بعد موته، ولا هو مختص بالصحابة فمن خرج

عن ذلك فقد خرج عن نفس ما أوجبه الله ورسوله) . انتهى.

وقال أيضاً في معرض رده على المقلدة (١) : (وأيضاً فإنا نعلم أنه لم

يكن في عصر الصحابة رضي الله عنهم رجل واحد اتخذ رجلاً منهم يقلده

في جميع أقواله فلم يسقط منها شيئاً، وأسقط أقوال غيره فلم يأخذ منها

شيئاً. ونعلم بالضرورة أن هذا لم يكن في عصر التابعين ولا تابعي

التابعين، فليكذبنا المقلدون برجل واحد سلك سبيلهم الوخيمة في القرون

الفضيلة على لسان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما حدثت هذه البدعة في القرن

الرابع المذموم على لسان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالمقلدون لمتبوعهم في جميع

ما قالوا يبيحون به الفروج والدماء والأموال، ويحرمونها ولا يدرون إذ ذلك

صواب أم خطأ - على خطر عظيم، ولهم بين يدي الله موقف شديد يعلم

فيه من قال على الله ما لا يعلم أنه لم يكن على شيء) .

وقد أفاض ابن القيم رحمه الله تعالى في الرد على المقلدة من واحد

وثمانين وجهاً في نحو تسعين صحيفة من كتاب: " إعلام الموقعين " (٢) .

وهي بجملتها تنسحب على مطلب إقامة الأدلة على المنع من إلزام

القاضي بمذهب معين أو قول مقنن. ومما قاله في ذلك رحمه الله


(١) إعلام الموقعين ٢ / ١٨٩.
(٢) ٢ / ١٨٩ - ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>