للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- إن أحكام التقنين الملزم به كلها فيها خطأ وصواب.

أما الأول فمتعذر لأنه تأليف عالم أو علماء والعالم قد يزل ولا بد إذ

ليس بمعصوم ومن ليس بمعصوم لا يلزم قبول كل ما يقوله. هذا

بالإجماع.

وأما الثاني: فلا يصح فهذان وجهان سلبيان.

وأما الثالث: فهو الإيجابي، وهل هما متساويان أم أحدهما مغالب

للآخر كل ذلك محتمل وقد علم أن العصمة غير متحققة لانقطاعها مع

عالم النبوة والأنبياء، وما كتب الله العصمة لكتاب سوى كتابه {وَلَوْ كَانَ

مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} فلا بد إذاً من وجود خطأ في

الأحكام الاجتهادية الملزم بها بالخطأ خلاف الحق وما هو خلاف الحق

لا يجوز قبوله ومالا يجوز قبوله حرم الأخذ به وما حرم الأخذ به فيحرم

الإلزام به من باب أولى فوجب منع فرضه إذاً. والله أعلم. قال ابن القيم

رحمه الله تعالى في أعلام الموقعين (١) بعد نقول كثيرة نقلها عن ابن عبد

البر قلت: والمصنفون في السنة قد جمعوا بين فساد التقليد وإبطاله وبيان

زلة العالم ليبينوا فساد التقليد وأن العالم قد يزل إذ ليس بمعصوم فلا يجوز

قبول كل ما يقول وينزل قوله منزلة قول المعصوم فهذا الذي ذمه كل عالم

على وجه الأرض وحرموه وذموا أهله. وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم

فإنهم يقلدون العالم فيما زل فيه وفيما لم يزل فيه وليس لهم تمييز بين

ذلك. فيأخذون الدين بالخطأ ولا بد، فيحللون ما حرَّم الله، ويحرمون ما

أحل الله، ويشرعون ما لم يشرع، ولا بد لهم من ذلك. وإذا كانت


(١) ٢ / ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>