للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي على إجلال شريعة ربها وخالقها.

وقد قام علماء اللغة العربية في ذلك مقاماً حميداً شكر الله سعيهم

فبذلوا جهوداً مكثفة في القديم والحديث، فأنشؤا سدوداً منيعة وحصوناً

حصينة للغة القرآن عن عوادي الهجنة والدخيل، إذ أقاموا المجامع وهي

كثر، وألفوا كتب الملاحن وهي أكثر. ودب يراعهم في الكفاح وسالت له

سوابق أقلامهم، وانتشرت سوابح أفكارهم في نفي الدخيل، ونفض

المقرف والهجين، وهكذا تجديداً لمعجزة حماية التنزيل. والتي تجلت

متكاملة بجهود علماء الشريعة المشرفة في ذلك، فلهم القِدح المعلى،

والمكان الأسنى فضموا إلى كفاح أولئك: فائق العناية في الاصطلاح

الشرعي ومتانة التقعيد، والتأصيل، وعدم السماح لأي مصطلح دخيل

بالدخول في اصطلاح التشريع، وإن كان في بعض المتأخرين من

المعاصرين من خفض لها الجناح، ونفخ في بوقها وأناخ والله يغفر لنا

ولهم.

وإنه إلى ساعتي هذه لا أعلم كتاباً ألف في كشف هذه المداخلة،

وصد تلك المحاولة في هذه النازلة من وجهة الشريعة الخالدة، فقيدت من

ذلك نتفاً لكني لم أقف عليها إلا بعد أن سلكت إليها طرائق قدداً، من

كتب الشريعة واللُّغى (١) . متجنباً تشقيق العبارة، وتكلف الكَلِم، وناسب

إذاً أن يكون اسم البحث في هذه النازلة: نازلة المواضعة في الاصطلاح


(١) اللُّغَى: بألف مقصورة في آخرها، جمع لكلمة " لُغَة " فكما يقال: لغات، يقال:
لُغَى أيضاً. وقد استفتح الفيروز آبادي قاموسه بقوله: (الحمد لله منطق البلغاء
باللُّغَى) . قال شارحه الزبيدي (ويأتي جمع لغة على لغات، فيجب كسر التاء في
حالة النصب) . اهـ. وتجمع أيضاً على: لغون.

<<  <  ج: ص:  >  >>