للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجتزئ هنا في هذا المطلب التمهيدي بنقل ما يفي بالغرض من ذانك البحثين، متخفِّفًا من كثير من العزو والتّطويل، محيلًا من أراد مزيدًا من التفصيل والتمثيل والتوثيق على البحثين المذكورين. فأقول:

العلّة لفظٌ مشترك متعدِّد المعاني في كلام الأصوليين، وهو يأتي عندهم في معنيين رئيسين: السبب والحكمة.

أمّا السبب فهو الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من حصوله حصولُ الحكم في حقّ المكلّف، لتحقيق حكمة، كالسفر الذي يلزم عنه إباحة الفطر في رمضان، والدلوك الذي يلزم عنه وجوب صلاة الظهر. ويكثر أن يُعبَّر عن السبب عند الأصوليين والفقهاء بألفاظ أخرى مثل: العلّة، والموجب، والمعرّف، والمناط، والمقتضي، والعلة السببية، وأمارة المصلحة، والمظنّة.

وأمّا الحكمة، فهي مقصود الحكم، أو ما لأجله شُرع الحكم. ويمكن تعريفها بأنّها: المعنى المَصلحي (المناسب) المقصود جلبه أو دفعه من تشريع الحُكم إن كان تكليفيًّا، أو المتضمَّن فيه إن كان وضعيًّا، أو قُلْ: هي باعث الشّرع على التّكليف بالحُكم، أو على وضعه. قال الغزالي: «لسنا نعني بالحكمة إلا العلّة المخيلة والمعنى المناسب» (١). وقال الطّوفي: «المراد بحكمة الحُكم: هو المعنى المناسب الذي نشأ عنه الحُكم» (٢). ويُعبَّر عنها في كلام الفقهاء والأصوليين بـ المصلحة، وعين المصلحة، ووجه المصلحة، والمعنى، والمعنى المُخيل، والمعنى المناسب، والعلّة، والمَئِنَّة، وحقيقة العلّة، ورُوح العلّة، وعلّة السّبب، وعلّة العلّة، والباعث، والحامل، والدّاعي، والمحرِّك، والغرض، والمغزى، والمرمى، والمراد، والمقصد، والمقصود، والقصد، والغاية، والفائدة، والعلّة الغائيّة.

وهي ضربان: حِكمة الحُكم، وحِكمة السّبب.

فحكمة الحُكم: هي المعنى المصلحي المقصود جلبه أو دفعه من تشريع الحُكم التّكليفي:


(١) الغزالي، شفاء الغليل، ٦١٣.
(٢) الطوفي، شرح مختصر الروضة، ١/ ٤٢٣.

<<  <   >  >>