١. رغم أنّ القاعدة العامّة عند الفقهاء هي نوط الحكم بمظنته لا بحكمته فإنّ الحُكم عندهم كثيرًا ما يتردّد بين أن يُناط بالمظنة أو بالحكمة.
٢. ثمّة أربعة أشكال لتصرفات الفقهاء في الحكم عندما يتردّد بين أن يُعلّل بالمظنة أو بالحكمة، وهي:
الأول: قطعُه عن المظنّة المنصوصة، وإدارته مع الحكمة وجودًا وعدمًا.
والشكل الثاني: عكس الأول وهو: أن يديروا الحكم مع المظنّة المنصوصة، ويقطعوه عن الحكمة بالكلّية.
والشكل الثالث: أن يُبقوا الحكم دائرًا مع المظنّة المنصوصة لا مع الحكمة، ولكن يشترطون في المظنّة شرطًا إضافيًّا التفاتًا إلى الحكمة.
والشكل الرابع: وهو عكس السابق: أن يديروا الحُكم مع الحكمة لا مع المظنّة المنصوصة، ولكن يشترطون مع تحقُّق الحكمة شرطًا إضافيًّا التفاتًا إلى المظنّة المنصوصة.
٣. ميلُ الفقيه إلى تقرير الحُكم بحسب ما تقتضيه المظنّة (التعليل بالمظنة)، أو ما تقتضيه الحكمة (التعليل بالحكمة)، تؤثِّر فيه عواملُ متعدّدة، هي باستقرائنا العوامل التسعة الآتية:
(أ) كون المظنّة أو الحكمة منصوصة أو اجتهادية.
(ب) وجود نصٍّ صريح يلغي التعليل بالمظنّة أو الحكمة في عين الواقعة.
(ج) مدى احتياج التعليل بالمظنّة، أو بالحكمة، إلى تأويل ظاهر النصّ أو تخصيصه.
(د) مذاهب الصحابة في الواقعة محلّ النظر، وهل جرت مع المظنّة أو مع الحكمة.
(هـ) مدى الخفاء أو الاضطراب في الحكمة، والذي قد يتغيّر بتغيّر الزمان.
(و) مدى إفضاء المظنّة إلى الحكمة، والذي قد يتغيّر بتغيّر الزمان.