بالحكمة من جهة أخرى، فكما الحكمة على درجات من حيث القوّة، فكذلك العموم تتفاوت قوّة دلالته على الأفراد/ المحالّ المشمولةِ به بحسب الفرد/ المحل المراد تخصيصه هل هو كثير أو قليل، نادر أو غالب، يخطر بالبال عند ذكر العموم أو لا يخطر.
فإذا تقرّر ما سبق وتحرّر محل النزاع في التعليل بالحكمة الذي يعارض التعليل بالمظنة فقد آن الأوان لبيان العوامل المؤثِّرة في التعليل بأحد الأمرين عند التقابل: المظنة أو الحكمة.
الفرع الثاني: بيان العوامل المؤثِّرة في نوط الحكم بالمظنّة أو بالحكمة في الوقائع:
هي باستقرائنا العوامل التسعة الآتية:
١. كون المظنّة أو الحكمة منصوصة أو اجتهادية.
٢. وجود نصٍّ صريح يلغي التعليل بالمظنّة أو الحكمة في عين الواقعة.
٣. مدى احتياج التعليل بالمظنّة، أو بالحكمة، إلى تأويل ظاهر النصّ أو تخصيصه.
٤. مذاهب الصحابة في الواقعة محلّ النظر، وهل جرت مع المظنّة أو مع الحكمة.
٥. مدى الخفاء أو الاضطراب في الحكمة، والذي قد يتغيّر بتغيّر الزمان.
٦. مدى إفضاء المظنّة إلى الحكمة، والذي قد يتغيّر بتغيّر الزمان.
٧. مدى قوّة مناسبة الحكمة لحُكم الواقعة.
٨. مدى انفراد الحكمة بحكم الواقعة.
٩. كون الواقعة المعلّلة في مجالٍ يكثر فيه التعبُّد، أو في مجالٍ يكثر فيه التعليل.
أوّلًا: كون المظنّة أو الحكمة منصوصة أو اجتهادية:
لا شك في أنّ النص الشرعي له الصدارة في نظر المجتهد عند تقرير الحكم الشرعي في مواطن الخلاف، فهو يعلو ولا يُعلى عليه، ويقضي ولا يُقضى عليه. ولذلك لا تتمتّع المظانّ التي لا تستند إلى نصٍّ صريح - بأن قال بها العلماء اجتهادًا - وكذلك الحِكَم