للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبحث مستلّ مع تعديلات يسيرة من رسالة الماجستير للباحث التي نُوقشت في العام ١٤٢٥ هـ/ ٢٠٠٤ م، وصدرت بعد ذلك في كتاب بعنوان: فقه المقاصد: إناطة الأحكام بمقاصدها، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، فرجينيا، ط ١، ١٤٢٧ هـ/ ٢٠٠٦ م.

هدف البحث إلى الإجابة عن السؤال: «هل يصلح المقصد كوصف يتعلّق به الحكم، كما هو الحال في العلة التي يَتّفق على حجّيتها أغلب الفقهاء» (١).

وجاء البحث - كما قال المؤلِّف - في سياق التجديد في البحث المقاصدي محاولًا: «الإسهام في هذا التجديد المعاصر عن طريق إعمال المقاصد في حال تعارض النصوص وتفسيرها، ويقترح القاعدة التالية: "تدور الأحكام الشرعية العملية مع مقاصدها: وجودًا وعدمًا، كما تدور مع عللها: وجودًا وعدمًا"» (٢).

واعتمد المؤلّف على ضابط وحيد لجواز التعليل بالمقصد، وذلك بالتفريق بينه وبين الحكمة فقال: «على الرغم من أنَّ الحكمة من الحُكم لا تختلف عن المقصد من الحُكم عند كثيرٍ من الأصوليّين، إلا إنّه يبدو لي أنّ هناك فارقًا معتبرًا بين ما يُقصد بالحكمة وما يُقصد بالمقصد، وهذا الفارق له أثره في مسألة التعليل. فالحكمة مصلحة تترتب على الحكم، أمّا المقصد فهو مصلحة، أو مجموعة مصالح، ينصّ الشارع أو يغلب على ظن المجتهد أنّها المقصودة من الحكم، أي لولاها لما شُرع الحكم أصلًا. وأرى بناء على ذلك أنّ الحكمة قد تختلف عن المقصد، وقد تكون جزءًا من المقصد، وقد تساوي المقصد، وأنّ النقد الموجّه إلى التعليل بالحكمة، وإناطة الحُكم بها، لا يلزم أن ينطبق على التعليل بالمقصد» (٣).

وحاصل ذلك أن المؤلّف يرى أنّ الحكمة أعمّ من المقصد، والمقصدَ أخصُّ منها، والحُكم يدور مع المقصد لا مع مطلق ما يُسمّى حكمة. والمقصد عنده هو ما لولاه لم يُشرع الحكم أصلًا، بينما الحكمة قد تكون كذلك فيُناط بها الحكم، كالمقصد تمامًا، وقد تكون مجرّد مصلحة تترتّب على الحكم من دون أن تكون هي الباعث الكلّي عليه، وهذه لا يُناط بها الحكم.


(١) عودة، فقه المقاصد: إناطة الأحكام بمقاصدها، ٥٥.
(٢) المرجع السابق، ٥٤.
(٣) عودة، الاجتهاد المقاصدي من التصور الأصولي إلى التنزيل العملي، ٧٩.

<<  <   >  >>