للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كبديل عن التعليل بالعلل المنضبطة الظاهرة، وإنما التعليل بالمقاصد إضافةٌ إلى التعليل بالعلل وتوسيعٌ لمفهومها» (١). فدراستنا عند التعارض بين التعليل بالمظنة والتعليل بالحكمة في آحاد الوقائع، ودراسته بفرض التوافق بينهما، مع أنّ فرض مثل هذا التوافق نظريٌّ قليلُ الوقوع، إذ الغالب الساحق أن التعليل بالحكمة في مسألة ما يؤثِّر في التعليل بالمظنة في المسألة نفسها، لأنّه يؤثِّر في الأفراد والجزئيات المنضوية تحتها طردًا وعكسًا، ضيقًا وسَعَةً، إلا ما نَدر.

والدراسة الثانية: بحث بعنوان "أثر الاختلاف في إناطة الحكم بعلّته أو حكمته في اختلاف الفقهاء" لزميلنا الدكتور إياد نمر، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، مج (١٢)، ع (١)، ١٤٣٧ هـ‍/ ٢٠١٦ م، الصفحات ١٩١ - ٢١٢.

هدف البحث إلى بيان مسوّغات إناطة الحكم بكلٍّ من العلة أو الحكمة عند الأصوليين، مسلِّطًا الضوء على أثر انعكاس التردُّد في إناطة الحكم بعلّته أو حكمته على اجتهادات الفقهاء في القياس الأصولي، أو في التعليل المجرّد عن القياس. وتوصّل الباحث إلى إمكانية الالتقاء بين العلة والحكمة في إناطة الأحكام بكلٍّ منهما، إذا ما رُوعيت ضوابط العلة، وشُروط الحكمة المعتبرة التي تحمي الفقيه من الانجرار وراء القياس المجرّد عن حكمته، أو الحكمة المخالفة لظواهر النصوص التي انبنى عليها القياس.

وقد ذهب الباحث - تبعًا لبعض الباحثين في التعليل بالحكمة (٢) - إلى اشتراط أن تكون الحكمة المعلَّل بها ظاهرة منضبطة (٣). وهذا الاشتراط - في نظري - يُفرِغ موضوع القول بجواز التعليل بالحكمة من مضمونه الذي هو التعليل بالوصف الخفي أو غير المنضبط، لأنّ الحكمة إذا كانت ظاهرة منضبطة فإنّها تكون حكمة وعلّة في الوقت نفسه، وحينئذٍ فلا خلاف يتحقّق في جواز التعليل بها بين الأصوليّين والفقهاء.

وعلى أية حال فهذا البحث كذلك لا يلتقي مع دراستنا هذه في الهدف ولا في المضمون، إذ بحثنا يهدف إلى استقراء العوامل المؤثّرة في نوط الحُكم بالمظنة أو الحكمة عند الأصوليين والفقهاء، وبيانِها، وهو ما لم يتطرّق إليه البحث المذكور، وإنما تطرّق إلى بيان


(١) المرجع السابق، ٨٢.
(٢) أبو مؤنس، منهج التعليل بالحكمة، ١٦٨.
(٣) نمر، "أثر الاختلاف في إناطة الحكم بعلّته أو حكمته في اختلاف الفقهاء"، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، م ١٢، عدد ١، ٢٠٢.

<<  <   >  >>