للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصنف الثاني:

أناس جمعوا مع الجهل بالدِّين: قسوة القلب، وظلمة النفس، وضلال العقل، وضعف العقيدة. لا يعرفون عن دينهم شيئاً، ولا يريدون أن يتعلّموا. قد جرفتْهم الحياة الدنيا بلهْوها ولعبها، وكدِّها وتعبها، وتكاثرها والاشتغال بها. فهم لا يفكِّرون في الخالِق، ولا يلتفتون لشؤون الآخِرة، ولا يهتمّون بمسائل البعث والحشر والثواب والعقاب. وهؤلاء تحدّث القرآن عنهم كثيراً. وأوجزُ وصف وأشملُه: قول الله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (الحشر:١٩).

فإنّ أخطر شيء على الإنسان: أن ينسى الله في كلّ أحواله، فيُنسيه الله نفسَه، فيهيم على وجهه في هذا الحياة، بلا هدف يُرجى، ولا أمل يُطلب. قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (الأعراف:١٧٩).

وأمثال هؤلاء يتأفّفون من الموعظة، ويضيقون ذرعاً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وربما يُلْحِقون الأذى بمَن يدْعونهم، ولا سيما إذا كانوا من أصحاب السطوة والنفوذ، الذين تتمعّر وجوههم غضباً، وتُلوى أعناقهم علواً واستكباراً لِمجرّد النصيحة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} (البقرة:٢٠٤ - ٢٦).

<<  <   >  >>