للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى عنهم: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} (الفرقان:٤٣، ٤٤).

وهؤلاء نفر قليل من جماعة المسلمين، إلاّ أن صوتهم عالٍ وكلمتهم مسموعةٌ، وذلك لسيطرة البعض منهم على وسائل الإعلام، وتقديمهم إلى المجتمعات الإسلامية على أنّهم رواد النهضة وزعماء الإصلاح، مع أنهم في كتاباتهم وأحاديثهم يمرُقون من الدِّين كما يمرق السهم من الرمية، ويستخفُّون بأحكامه ويسخرون من ثوابته. وهم يمكن حصرهم في الفئات التالية:

أولاً: العلمانيّون: الذين تربوا على موائد الاستشراق والتبشير والاحتلال، وانبهروا بحضارة الغرب العلميّة والمادية، وأعجِبوا بموقف أوروبا من الدِّين الذي يقوم على تجاهله وإغفاله وفصْله عن الحياة الاجتماعية سياسياً واقتصادياً وتربوياً. واعتقدوا -ألا ساء ما يعتقدون- أنّ ما وصلت إليه دولُ الغرب وشعوبه مِن تقدّم في العلوم والمخترعات، وترف مادي وأنظمة اجتماعية تُحقّق العدل والمساواة لشعوبهم، هو بسبب هجْر الدِّين، ولن يستطيع العالَم الإسلامي السّير على منوالهم واقتباس نظمهم وشرائعهم وقوانينهم إلاّ بإبعاد الإسلام عقيدة وشريعة عن توجيه المجتمع، ودفْعه إلى دائرة العبادات لا يتعدّاها إلى غيرها؛ فانطلقت أفئدتهم وألسنتهم تهمز الإسلام وتلمز شرائعه، واستخفوا بما أمَر الله به أو نهى عنه. وقد انكشفت سوأتهم وفُضحتْ نواياهم، وتبيّن حقدهم الأسود وغلّهم الدّفين في هذه الأيام التي ظهرت فيها هيمنة غير المسلمين على ديار الإسلام وغطرستهم على شعوبه، ولقد بسطوا حمايتهم لهؤلاء البوم والغربان

<<  <   >  >>