كلمة أحاج لك بها عند الله (١) . فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ (٢) فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأعادا (٣) ،
ــ
(١)(كلمة) بالنصب بدل من لا إله إلا الله، ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف، و (أحاج) بتشديد الجيم من المحاجة، وهي مفاعلة من الحجة، والجيم مفتوحة على الجزم في جواب الأمر، أي أشهد لك بها عند الله، وبرهانا أعتذر بها لك عنده وفيه دليل على أن الأعمال بالخواتيم؛ لأنه لو قالها في تلك الحال معتقدا ما دلت عليه من النفي والإثبات لنفعته، ودخل بها في الإسلام.
(٢) لما علما من شدة تمسكه بملتهم، مع حياطته النبي صلى الله عليه وسلم وخشيا أن تترك تلك الآلهة والأوثان التي يتعلقون بها من دون الله، ذكراه الحجة الملعونة التي يحتج بها المشركون على المرسلين، وهي تقليد الآباء والكبراء،: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} ١. فإن ملة عبد المطلب الشرك وعبادة الأوثان، كما كانت قريش وغيرهم في جاهليتهم كذلك، وأخرجا الكلام مخرج الاستفهام مبالغة في الإنكار، لعظمة هذه الحجة في قلوب الظالمين، ولذلك اكتفيا بها في المجادلة، مع مبالغته صلى الله عليه وسلم وتكريره.
قال المصنف: ((فلأجل عظمتها ووضوحها عندهما اقتصرا عليها، وفيه المسألة الكبيرة: تفسير قوله: "قل: لا إله إلا الله" بخلاف ما عليه من يدعي العلم، وفيه أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال للرجل: قل: لا إله إلا الله، فقبح الله من أبو جهل أعلم منه بأصل الإسلام)) .
(٣) أي أعاد النبي صلى الله عليه وسلم على عمه قوله: "قل: لا إله إلا الله" وفي رواية: "فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيدها عليه "، يعني أنه بالغ صلى الله عليه وسلم وكرر، لعله أن يحصل لعمه هذا الفوز العظيم، فأعادا معارضته صلى الله عليه وسلم بقولهما: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ لأنهما =