للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} (١) . وأنزل الله في أبي طالب: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} " (٢) .

ــ

(١) الإتيان بالفاء المفيدة للترتيب في قوله: فأنزل الله، تفيد أنها نزلت في أبي طالب، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أتى قبر أمه لما اعتمر، فاستأذن ربه أن يستغفر لها، فنزلت هذه الآية، ولا منافاة، فإنه قد تتعدد أسباب النزول، وهذه الآية عامة في حقه صلى الله عليه وسلم وحق غيره، وفيه تحريم الإستغفار للمشركين وتحريم كل موالاتهم ومحبتهم، بل إذا حرم الاستغفار لهم فمحبتهم وموالاتهم أولى.

(٢) أي: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} ١ أي لقرابتك أو أحببت أن يهتدي،: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} ٢ فله الحكمة البالغة في إضلال من شاء،: {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} ٣ أي بمن قدر له الهدى. وأجمع المفسرون على أنها نزلت في أبي طالب، وهي عامة، ومن حكمة الرب في عدم هدايته ليبين لعباده أن ذلك إليه سبحانه دون من سواه، فلو كان عند النبي صلى الله عليه وسلم - الذي هو أفضل خلقه- من هداية القلوب، وتفريج الكروب، والنجاة من العذاب، ونحو ذلك شيء لكان أحق الناس بذلك، وأولاهم به عمه الذي كان يحوطه ويحميه إلى أن بلّغ الوحي، وعادى قومه هو وأولاده، وقام بنصرته بالمال والرجال، وأقر أن ما جاء به هو الحق، إلا أنه لم ينقد إليه، ولم يتبرأ من دين المشركين، فظهر بذلك بطلان التعلق عليه صلى الله عليه وسلم - فضلا عن غيره- بشيء من خصائص الرب جل وعلا. قال المصنف: ((وفيه الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه)) .


١ سورة القصص آية: ٥٦.
٢ سورة البقرة آية: ٢٧٢.
٣ سورة الأنعام آية: ١١٧.

<<  <   >  >>