للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عمر رضي الله عنه (١) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله " ١. أخرجاه (٢) .

ــ

(١) هو ابن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي العدوي، أمير المؤمنين، وأفضل الصحابة بعد الصديق -رضي الله عنهما-، ولي الخلافة بعده عشر سنين ونصفا، فامتلأت الدنيا عدلا، وفتحت في أيامه ممالك كسرى وقيصر، استشهد في ذي الحجة سنة ٢٣ هـ، قتله أبو لؤلؤة الخارجي.

(٢) الإطراء: مجاوزة الحد في المدح، والكذب فيه، أي لا تمدحوني فتغلوا في مدحي كما غلت النصارى في عيسى -عليه السلام- حتى ادعوا فيه الإلهية، وإنما أنا عبد الله ورسوله، فصفوني بذلك كما وصفني ربي، وقولوا: عبد الله ورسوله، لا تجاوزوا هذا القول، فأبى المشركون إلا مجاوزة أمره، وارتكاب نهيه، وعظموه بما نهاهم عنه، وضاهوا النصارى في غلوهم وشركهم، وناقضوا أمره أعظم مناقضة، وأظهر لهم الشيطان هذا الشرك في قالب التعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم ومحبته، والتوحيد والإخلاص في قالب التنقص، حتى جوزوا الاستغاثة به في كل ما يستغاث فيه بالله، ومنهم من يقول: نحن نعبد الله ورسوله، وارتكبوا ما نهوا عنه، وشاقوا الله ورسوله. وفيه أن الألفاظ التي يذكرها بعض الناس في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وغير ذلك مما لا يحبه صلى الله عليه وسلم، ولا يحب إلا ما جاء الأمر به حتى في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وفيما يثني عليه ويمدح به، ومن العجب أن الشيطان أظهر لهم ذلك في صورة محبته، ومحبته إنما يصدقها تجريد التوحيد الذي بعث من أجله، وتجريد المتابعة، وتقديم محبته على النفس والمال والولد والناس أجمعين، والثناء عليه بما أثنى به عليه ربه، أو أثنى به هو على نفسه، من غير غلو ولا تقصير.


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٤٥) , وأحمد (١/٢٣ ,١/٢٤ ,١/٤٧) .

<<  <   >  >>