للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحذر ما صنعوا (١) ، ولولا ذلك لأبرز قبره (٢) ، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا" ١. أخرجاه (٣) .

ــ

= قبور الأنبياء والصالحين، فإنما هي المساجد الملعون من بناها على قبورهم، فأفاد أن هذا من أخوف ما خافه صلى الله عليه وسلم على أمته، ولولا أن ضرره عظيم لما ذكره في هذا المقام، وخص قبور الأنبياء لأن عكوف الناس على قبور أنبيائهم أعظم، واتخاذها مساجد أشد، ولم يكن هذا اللعن في سياق الموت لهذه الطائفتين إلا على سبيل التحذير الشديد؛ لئلا تقع أمته في شيء من فعلهم عند قبره، فلعنهم على تحري الصلاة عندها، وإن كان المصلي لا يصلي إلا لله؛ لأنه ذريعة إلى عبادتها، فكيف إذا عبدها، وهذا هو الغاية التي يكون اتخاذ القبور مساجد ذريعة إليها، واللعنة ليست مختصة باليهود والنصارى، بل تعم من فعل فعلهم.

(١) هذا من كلام عائشة -رضي الله عنها- أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى تحذيرا لأمته أن يفعلوا ما فعلت اليهود والنصارى، فيقع بهم من اللعنة ما وقع بهم، فإنه من الغلو في الأنبياء، وأعظم وسائل الشرك، قال القرطبي: ((وكل ذلك لقطع الذريعة المؤدية إلى عبادة من فيها، كما كان السبب في عبادة الأصنام)) .

(٢) وفي لفظ: لأبرزوا قبره، أي ولولا تحذير النبي صلى الله عليه وسلم ما صنعوا، ولعنه من فعل ذلك لأبرز قبره، أي لدفن خارج بيته، أو مع قبور الصحابة الذين كانت قبورهم في البقيع.

(٣) أي البخاري ومسلم، ويغنى عنه قوله في أوله: ولهما؛ فلعله سبقة قلم، و"خشي" روي بفتح الخاء وضمها، فعلى الفتح يكون هو الذي خشي ذلك صلى الله عليه وسلم، وأمرهم أن يدفنوه في المكان الذي قبض فيه، وعلى رواية الضم يحتمل أن يكون الصحابة هم الذين خافوا أن يقع ذلك من بعض الأمة، فلم يبرزوا =


١ البخاري: الصلاة (٤٣٦) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٣١) , والنسائي: المساجد (٧٠٣) , وأحمد (١/٢١٨ ,٦/٣٤) , والدارمي: الصلاة (١٤٠٣) .

<<  <   >  >>