للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا (١) ، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا، لاتخذت أبا بكر خليلا (٢) ، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد (٣) ،

ــ

قد تخللت مسلك الروح مني ... وبذا سمي الخليل خليلا

والخلة فوق المحبة، فإن المحبة عامة والخلة خاصة، وهي نهاية المحبة، وبرئ من الشيء سلم وخلص. قال القرطبي: ((وإنما كان ذلك؛ لأن قلبه صلى الله عليه وسلم قد امتلأ من محبة الله وتعظيمه ومعرفته، فلا يسع لمخالة غيره)) .

(١) أي فلا أريد مع خلة ربي أحدا، بل حسبي ذلك؛ لئلا تزاحم خلة غيره خلته، وفيه إثبات أنه خليل الله، ولا ينافي عبوديته لله.

(٢) فيه إثبات فضيلة الصديق رضي الله عنه؛ إذ لو كان النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الفرض والتقدير متخذا خليلا لاتخذ أبا بكر، وفي صحيح مسلم: " ولكن أخي وحبيبي "١. قال المصنف: فيه الرد على الرافضة والجهمية اللتين هما شر أهل البدع، بل أخرجهم بعض السلف من الثنتين والسبعين فرقة. وفيه التصريح بأن الصديق أفضل الصحابة، وفيه إشارة إلى خلافته؛ لأن من كانت محبته لشخص أشد، كان أولى بالنيابة عنه من غيره، وقد استخلفه على الصلاة بالناس، وغضب لما قيل له: يصلي بهم عمر، وذلك في مرضه الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم. واسم أبي بكر عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، الصديق الأكبر، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل الصحابة بالإجماع، ومناقبه مشهورة، مات ١٣ هـ، وله ٦٣.

(٣) (ألا) حرف استفتاح، واتخاذها إما أن يكون سجودا لها تعظيما وعبادة، أو توجها منهم إليها حالة الصلاة، جمعا بين العبادة وتعظيم الأنبياء، وعلى كل تقدير فإنهم يستحقون اللعن بذلك، والحديث أعم من ذلك، فيشمله ويشمل بناء المساجد والقباب عليها.


١ البخاري: المناقب (٣٦٥٦) .

<<  <   >  >>