للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم (١) حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى (٢) " ١.

ــ

= نبيه صلى الله عليه وسلم ولا يلزم منه أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد، ولا في قطر واحد، بل يجوز اجتماعهم في بلد وقطر وجهة، وافتراقهم في بلدان وأقطار وجهات من الأرض. وفي رواية: " لا تزال هذه الأمة قائمة "٢ أي على أمر الله، ففيه حماية إجماع هذه الأمة عن أن تزل عن أمر الله، ولا تسمى أمته إلا الذين يعتد بإجماعهم، وفيه أن الإجماع حجة.

(١) كما أخبر الله بذلك في كتابه بنصره لهم، كما في قوله: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} ٣. وكقوله: {لِيُظْهِرَهُ} أي يعليه وينصره: {عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} أي على سائر الأديان. وغيرهما من الآيات. قال المصنف: ((وفيه الآية العظيمة أهم مع قلتهم لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، والبشارة بأن الحق لا يزول بالكلية كما زال فيما مضى، بل لا تزال عليه طائفة)) .

(٢) ونص شيخ الإسلام وغيره على تواتر " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله " ٤ أي إلى قيام الساعة، كما روى الحاكم من حديث عقبة ابن عامر: " لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك " ٥. ولعل المراد به ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من قبض ما بقي من المؤمنين بالريح الطيبة، ووقوع الآيات العظام، ثم لا يبقى إلا شرار الناس، وعليهم تقوم الساعة، وكل جملة من هذا الحديث علم من أعلام النبوة; فإن كل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم مما يقع فيه وقع كما أخبر. و (تبارك) كمل وتعاظم وتقدس، جاء بناؤه على السعة والمبالغة من باب مجد، والمجد كثرة صفات الجلال والكمال، والسعة والفضل، فدل على كمال بركته وعظمها وسعتها، ولا يقال إلا لله سبحانه وتعالى كما أطلقه على نفسه في قوله: (تبارك الله رب العالمين) وغيرها، فهو سبحانه المتبارك، وما بارك فيه فهو المبارك. وقوله: (تعالى) أي تعاظم، جاء أيضا على بناء السعة والمبالغة، فهو دال على كمال العلو ونهايته.


١ أبو داود: الفتن والملاحم (٤٢٥٢) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٥٢) , وأحمد (٥/٢٧٨ ,٥/٢٨٤) , والدارمي: المقدمة (٢٠٩) .
٢ البخاري: العلم (٧١) , ومسلم: الإمارة (١٠٣٧) .
٣ سورة الروم آية: ٤٧.
٤ مسلم: الإمارة (١٩٢٠) , والترمذي: الفتن (٢٢٢٩) , وأبو داود: الفتن والملاحم (٤٢٥٢) , وابن ماجه: المقدمة (١٠) , وأحمد (٥/٢٧٩) .
٥ مسلم: الإمارة (١٩٢٤) .

<<  <   >  >>