قال:" حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا (١) ، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا (٢) . قلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس (٣) ؟
ــ
(١) أي يوحدوه بالعبادة ويفردوه، ويتجردوا من الشرك قليله وكثيره صغيره وكبيره، ومن لم يتجرد من الشرك لم يكن آتيا بعبادة الله وحده. بل هو مشرك قد جعل لله ندا في عبادته.
وأصل العبادة التذلل والخضوع، قال الشيخ:((العبادة هي طاعة الله بامتثال ما أمر به على ألسنة الرسل)) . وعرفها ابن القيم فقال:
وعبادة الرحمن غاية حبه ... مع ذل عابده هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائر ... ما دار حتى قامت القطبان
ومداره بالأمر أمر رسوله ... لا بالهوى والنفس والشيطان
قال المصنف:((وفيه أن العبادة هي التوحيد لأن الخصومة فيه)) .
(٢) أي ألا يعذب من يعبده ولا يشرك به شيئا، والعذاب كل ما يعيي الإنسان ويشق عليه، من العذب وهو المنع، فسمي عذابا لأنه يمنع المعاقب من معاودة مثل جرمه، ويمنع غيره من مثل فعله. قال الحافظ: اقتصر على نفي الإشراك؛ لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم; إذ من كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كذب الله (، ومن كذب الله فهو مشرك. وفي رواية: " ما من أحد يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار " ١.
(٣) يعني بفضل التوحيد، وفضل من تمسك به عند الله، ففيه فضل التوحيد وعظم شأنه، وأنه حق الرب الذي أحقه وافترضه على عباده، ولا يقبل منهم سواه، وعظم شأن أهله، وهو ألا يعذبهم. وفيه تفسير التوحيد وأنه عبادة الله وحده وترك الشرك به. وفيه استحباب بشارة المسلم بما يسره. وفيه ما كان عليه الصحابة من الاستبشار بمثل هذا.