قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من شهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، (١)
ــ
(١) أي من تكلم بها عارفا لمعناها عاملا بمقتضاها باطنا وظاهرا، فإن الشهادة تقتضي العلم بالمشهود به، فلو كان عن جهل لم تكن شهادة، وتقتضي الصدق، وتقتضي العمل بذلك، وبهذا يتبين أنه لابد من العلم بها والعمل والصدق. فبالعلم ينجو من طريقة النصارى، وبالعمل ينجو من طريقة اليهود، وبالصدق ينجو من طريقة المنافقين، و "وحده" تأكيد وبيان لمضمون معناها، حال من الاسم الشريف، وهو تأكيد للإثبات. و "لا شريك له" تأكيد للنفي، تأكيد بعد تأكيد، اهتمام بمقام التوحيد.
قال النووي:((هذا حديث عظيم جليل الموقع، وهو أجمع أو من أجمع الأحاديث المشتملة على العقائد؛ فإنه صلى الله عليه وسلم جمع فيه ما يخرج من ملل الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدها، فاقتصر صلى الله عليه وسلم في هذه الأحرف على ما يباين جميعهم)) اهـ.
ومعنى "لا إله إلا الله" لا معبود بحق إلا الله، فتضمنت هذه الكلمة العظيمة نفيا وإثباتا، فـ"لا إله" نفت الإلهية عن كل ما سوى الله. و "إلا الله" أثبتت الإلهية لله وحده، فنفت جميع ما يعبد من دون الله، وأثبتت العبادة لله وحده لا شريك له، والعبادة إنما تصدر عن تأله القلب بالحب والخضوع.
وقال شيخ الإسلام:((الإله هو المعبود المطاع، فإن الإله هو المألوه، والمألوه هو الذي يستحق أن يعبد، وكونه يستحق أن يعبد هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب المخضوع له غاية الخضوع; ولهذا كانت لا إله إلا الله أصدق الكلام، وأهلها أهل الله وحزبه، والمنكرون لها أعداؤه وأهل غضبه ونقمته، فإذا صحت صح بها كل مسألة وحال وذوق، وإذا لم يصححها العبد فالفساد لازم له في علومه وأعماله)) اهـ.
والحاصل أن لا إله إلا الله لا تنفع إلا من عرف مدلولها نفيا وإثباتا، واعتقد ذلك، وقبله وعمل به، وأما من قالها من غير علم بمعناها، ولا اعتقاد ولا عمل بمقتضاها =