للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ١ (١) .

وقوله: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ٢ (٢) .

ــ

= ولا يصلون إذا غابوا، ولا يؤدون زكاة أموالهم، فأخبر تعالى أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم وصف المؤمنين فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآية، فأدوا فرائضه. وقال السدي: ((هو الرجل يهم يريد أن يظلم، أو قال: يهم بمعصية، فيقال له: اتق الله. فيوجل قلبه)) . رواهما ابن جرير وغيره. وقوله: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} . دلت على زيادة الإيمان ونقصانه، وقد أجمع عليه أهل السنة: {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أي لا يرجون غيره بل يعتمدون عليه، ويفوضون أمورهم إليه، فوصفهم –تعالى- بأعلى مقامات الإحسان وهي الخوف، وزيادة الإيمان، والتوكل على الله وحده، وهذه تقتضي كمال الإيمان، وحصول أعماله الظاهرة والباطنة.

(١) أي الله وحده كافيك وكافي أتباعك، فلا تحتاجون معه إلى أحد، ونظيرها قوله: {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} ٣. فالرغبة والتوكل والحسب ونحو ذلك لله وحده، كما أن العبادة والتقوى والسجود لا يكون إلا لله وحده، وبه يظهر مطابقة الآية للترجمة، فإذا كان هو الكافي لعبده وحده، وجب أن لا يتوكل إلا عليه.

(٢) أي كافيه، وقد جعل الله سبحانه لكل عمل جزاء، وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته، وإذا كان الله سبحانه نفسه كافيا عبده المتوكل عليه وحسبه وواقيه فلا مطمع فيه لعدو، ولو توكل عليه حق توكله فكادته السماوات والأرض ومن فيهن لجعل له فرجا ومخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب، وفيها دليل على فضل التوكل وأنه أعظم الأسباب في جلب المنافع ودفع المضار، والتنبيه بالقيام بالأسباب مع التوكل، فلا ينبغي للعبد أن يجعل توكله عجزا، ولا عجزه توكلا، بل يجعل توكله من جملة الأسباب التي لا يتم المقصود إلا بها.


١ سورة الأنفال آية: ٦٤.
٢ سورة الطلاق آية: ٣.
٣ سورة الأنفال آية: ٦٢.

<<  <   >  >>