للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن أبي سعيد مرفوعا: " ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ (١) قالوا: بلى يا رسول الله; قال: الشرك الخفي (٢) .

ــ

(١) "أخوف" اسم تفضيل مبني على زيادته على غيره في أصل الفعل، أي أشد خوف خافه صلى الله عليه وسلم على أصحابه أكثر مما خافه عليهم من فتنة المسيح الدجال؛ لخفائه وقوة الداعي إليه، وعسر التخلص منه، لما يزينه الشيطان والنفس الأمارة في قلب صاحبه.

(٢) سماه خفيا؛ لأنه عمل قلب لا يعلمه إلا الله، ولأن صاحبه يظهر أن عمله لله، وقد قصد به غيره، أو شركه فيه بتزيين صلاته لأجله. وعن شداد بن أوس قال: " كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر ". رواه ابن جرير وغيره، وصححه الحاكم. قال ابن القيم: وأما الشرك الأصغر فكيسير الرياء، والتصنع للخلق، والحلف بغير الله، وقول الرجل: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك، وما لي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، ولولا الله وأنت لم يكن كذا وكذا، وقد يكون هذا أكبر بحسب حال قائله ومقصده، ولا خلاف أن الإخلاص شرط لصحة العمل وقبوله، وكذا المتابعة كما قال الفضيل في قوله: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} ١ قال: ((أخلصه وأصوبه، فإن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا، والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة)) . وقوله: بلى، فيه الحرص على العلم، وأن من عرض عليك أن يخبرك بما فيك فلا ينبغي لك رده، بل قابله بالقبول والتعلم.


١ سورة هود آية: ٧.

<<  <   >  >>