للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رواه أحمد والترمذي وحسنه (١) .

ــ

(١) وروي من طرق تثبت أنه محفوظ، فرواه ابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردوية والبيهقي وغيرهم. وقول عدي: "لسنا نعبدهم". ظن أن العبادة المراد بها التقرب إليهم بأنواع العبادة من السجود والذبح والنذر، وقوله: "أليس يحرمون" الخ صريح في أن طاعتهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام عبادة لهم من دون الله، ومن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، لقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ١. وقال: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} ٢. وهذا قد وقع فيه كثير من الناس مع من قلدوه؛ لعدم اعتبارهم الدليل إذا خالف المقلد، وهو من هذا الشرك العظيم، والذنب الوخيم، ومنهم من يغلو في ذلك، ويعتقد أن الأخذ بالدليل غير ممكن اليوم كما تقدم. قال شيخ الإسلام: وهؤلاء الذين: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} ٣ حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وعكسه، يكونون على وجهين:

أحدهما: أنهم يعلمون أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل، اتباعا لرؤسائهم مع علمهم بأنهم خالفوا دين الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا كفر، وقد جعله الله ورسوله شركا، وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون.

الثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال، وتحليل الحرام ثابتا، لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص.

فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب، ثم اتباع هذا المحرم والمحلل إن كان مجتهدا قصده اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر، وقد اتقى الله ما استطاع، فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه، بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه، ولكن من علم أن هذا خطأ فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إذا اتبعه على خطئه، فله نصيب من هذا الشرك الذي ذمه الله، وأما إن كان المتبع للمجتهد عاجزا عن معرفة الحق =


١ سورة التوبة آية: ٣١.
٢ سورة الأنعام آية: ١٢١.
٣ سورة التوبة آية: ٣١.

<<  <   >  >>