للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا أكذب ألسنا (١) ، ولا أجبن عند اللقاء (٢) ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه القراء (٣) ، فقال له عوف بن مالك: كذبت ولكنك منافق (٣) ،

ــ

= في نسبة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ فإن الصحابة - رضي الله عنهم - أقنع الناس، وأحسنهم اقتصادا في الأكل وغيره، والمنافقون والكفار أوسع بطونا، وأكثر أكلا كما صرحت بذلك الأحاديث، وأدرك بالحس والمشاهدة. والقراء جمع قارئ، وهم عند السلف الذين يقرءون القرآن، ويعرفون معانيه، أما قراءته من غير فهم معناه فلا يوجد في ذلك العصر، وإنما حدث بعد ذلك من جملة البدع.

(١) بل المنافقون أكذب خلق الله كما وصفهم الله بقوله: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} ١ والصحابة - رضي الله عنهم - عدول بالإجماع، اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه وحفظه، وهم من الصدق بالمنزلة العالية، والغاية التي ليس فوقها غاية رضي الله عنهم وأرضاهم.

(٢) يعني لقاء العدو، وقد كذب في ذلك، بل المنافقون هم الجبناء: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} ٢، وشجاعة الصحابة رضي الله عنهم مشهورة، وما ظهر لهم من الشجاعة والبطولة لا يعرف لها نظير، ولهذا قال له عوف: كذبت أي فيما نسبته إليهم.

(٣) وفي رواية ابن إسحاق: يشيرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو منطلق إلى تبوك، فقال بعضهم لبعض: أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا؟ والله لكأنا بكم مقرنين في الحبال ; إرجافا وترهيبا للمؤمنين.

(٤) فيه المبادرة بالإنكار والشدة على المنافقين، وجواز وصف الرجل بالنفاق إذا ظهر منه ما يدل عليه.


١ سورة المجادلة آية: ١٨.
٢ سورة المنافقون آية: ٤.

<<  <   >  >>