للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره "١. رواه مسلم (١) .

ــ

= فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر داخلا المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي فقلت: أبا عبد الرحمن إنه " قد ظهر قبلنا أناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف. فقال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني منهم بريء، وأنهم مني برآء، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر ". قال شيخ الإسلام: وكذلك كلام ابن عباس وجابر بن عبد الله وواثلة بن الأسقع وغيرهم من الصحابة، والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين فيهم كثير، حتى قال فيهم الأئمة كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم: إن المنكرين لعلم الله القدرية يكفرون.

(١) أي قال ابن عمر حدثني عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل يعني جبرائيل - عليه السلام - كما صرح به في آخر الحديث، شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، فقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فأخبره بأركانه، ثم سأله عن الإيمان فأخبره كما ذكره المصنف، ثم سأله عن الإحسان ثم الساعة، وهذا حديث عظيم، وعليه مدار أصول الدين، وفيه أن الإيمان بالقدر من أصول الإيمان الستة المذكورة، فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد ترك أصلا من أصول الدين وجحده، ويشبه من قال الله فيهم: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} ٢. والإيمان بالقدر هو الإيمان بأن الله علم ذلك في علمه القديم، وأنه كتبه وشاءه وأوجده.


١ مسلم: الإيمان (٨) , والترمذي: الإيمان (٢٦١٠) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٤٩٩٠) , وأبو داود: السنة (٤٦٩٥) , وابن ماجه: المقدمة (٦٣) , وأحمد (١/٢٨ ,١/٥١ ,١/٥٢ ,٢/١٠٧) .
٢ سورة البقرة آية: ٨٥.

<<  <   >  >>