للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهما عن ابن عباس - رضي الله عنهما - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كل مصور في النار (١) يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم "١ (٢) .

ــ

(١) أي لذي روح، لتعاطيه ما يشبه ما انفرد الله به من الخلق والاختراع.

(٢) أي تعذبه نفس الصورة بأن يجعل فيها روحا، والباء بمعنى " في " أو يجعل له بكل صورة شخص يعذب به، وقد قال - عليه الصلاة والسلام – لعائشة: " ما هذه النمرقة؟ قلت: لتجلس عليها وتوسدها. قال: إن أصحاب هذه الصور يقال لهم: أحيوا ما خلقتم، وإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه الصور "٢. قال الحافظ: قدم الجملة الأولى اهتماما بالزجر عن اتخاذ الصور؛ لأن الوعيد إذا حصل لصانعها فهو حاصل لمستعملها؛ لأنها لا تصنع إلا لتستعمل، فالصانع متسبب، والمستعمل مباشر، فيكون أولى بالوعيد، ويستفاد منه أنه لا فرق في تحريم التصوير بين أن تكون الصورة لها ظل أو لا، وبين أن تكون مدهونة أو منقوشة أو منقورة أو منسوجة، معلقة أو مفروشة. قال النووي: لا فرق في ذلك، وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين. وقال بعض السلف: إنما ينهى عما كان له ظل، ولا بأس بالصورة التي ليس لها ظل وهذا مذهب باطل، فإن الستر الذي أنكر النبي صلى الله عليه وسلم الصور فيه لا يشك أحد أنه مذموم، وليس لصورته ظل، مع باقي الأحاديث المطلقة في كل صورة. وقال الزهري: النهي في الصورة على العموم، وكذا استعمال ما هي فيه، ودخول البيت الذي هي فيه، سواء كانت رقما في ثوب، أو غير رقم، وسواء كانت في حائط أو ثوب أو بساط ممتهن أو غير ممتهن عملا بظاهر الأحاديث، لا سيما حديث النمرقة الذي ذكره مسلم، وهذا مذهب قوي.


١ مسلم: اللباس والزينة (٢١١٠) , وأحمد (١/٣٠٨) .
٢ البخاري: اللباس (٥٩٥٧) , ومسلم: اللباس والزينة (٢١٠٧) , ومالك: الجامع (١٨٠٣) .

<<  <   >  >>