للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= ومقاصده وواجباته، ولما وقع التساهل في هذه الأمور وقع المحذور، فكثر التصوير واستعماله، وكثر البناء على القبور وزخرفت، وجعلت أوثانا تعبد من دون الله، وصرف لها خالص التضرع والخشوع، والذبح لها والنذور، وغير ذلك من كل شرك محظور. قال ابن القيم: ومن جمع بين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبور وما أمر به ونهى عنه وبين ما عليه أكثر الناس اليوم رأى أحدهما مضادا للآخر مناقضا له، بحيث لا يجتمعان، فنهى عن الصلاة إلى القبور وهؤلاء يصلون عندها وإليها، ونهى عن اتخاذها مساجد، وهؤلاء يبنون عليها المساجد ويسمونها مشاهد، مضاهاة لبيوت الله، ونهى عن إيقاد السرج عليها وهؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد السرج عليها، ونهى أن تتخذ عيدا، وهؤلاء يتخذونها أعيادا ومناسك ويجتمعون لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر، وأمر بتسويتها كما روى مسلم عن أبي الهياج وذكره هو وحديث ثمامة بن شفي، وهو عند مسلم أيضا قال: كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم، فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بقبره فسوي، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها. وهؤلاء يبالغون في مخالفة هذين الحديثين، ويرفعونها عن الأرض كالبيوت، ويعقدون عليها القباب، وذكر ما نهي عنه من تجصيصها والزيادة على ترابها، والتصريح بتحريم ذلك، وأنه قد آل الأمر بهؤلاء إلى أن شرعوا للقبور حجا، ووضعوا لها مناسك، ولا يخفى ما فيه من مشاقة دين الإسلام، والمفاسد التي يعجز عن حصرها، منها اتخاذها أعيادا، والسفر إليها، ومشابهة عباد الأصنام بما يفعل عندها من العكوف عليها، والمجاورة عندها، وتعليق الستور عليها، وسدانتها والنذر لها ولسدنتها، واعتقاد المشركين فيها أن بها يكشف البلاء، وتقضى الحوائج وغير ذلك، والشرك الأكبر الذي يفعل عندها، وإيذاء أهلها، وتفضيلها على خير البقاع، والطواف بها، وتقبيلها، واستلامها وتعفير الخدود على تربتها، وعبادة أصحابها، والاستغاثة بهم وسؤالهم النصر والرزق والعافية، وقضاء الديون، وتفريج الكربات، وإغاثة اللهفان، وغير ذلك من أنواع الطلبات التي كان عباد الأوثان يسألونها أوثانهم فالله المستعان.

<<  <   >  >>