للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أنس رضي الله عنه " أن ناسا قالوا: يا رسول الله يا خيرنا، وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا (١) فقال: يا أيها الناس قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان (٢) ، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل " ١. رواه النسائي بسند جيد (٣) .

ــ

(١) الخير ضد الشر، واسم تفضيل، والخيرة من القوم الأفضل، وهو صلى الله عليه وسلم خيار من خيار.

(٢) أي يستهيمنكم، أو يذهب بعقولكم، أو يزين لكم هواكم، كره ذلك لهم لئلا يكون وسيلة إلى الغلو فيه والإطراء، وتقدم قوله: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله "٢. ونهى عن المدح وشدد القول فيه، وقال: " ويحك قطعت عنق صاحبك "٣. وقال: " إذا لقيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب "٤. فمواجهة الممدوح بمدحه ولو بما فيه من عمل الشيطان، لما قد تفضي محبة المدح إليه من تعاظم الممدوح في نفسه، وذلك ينافي كمال التوحيد، ويوقع في أمر عظيم ينافي العبودية الخاصة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما أكمل الله له مقام العبودية، صار يكره أن يمدح صيانة لهذا المقام، وإرشادا للأمة إلى ترك ذلك نصحا لهم، وحماية لمقام التوحيد عن أن يدخله ما يفسده أو يضعفه من الشرك ووسائله.

(٣) أرشدهم أن يصفوه بصفتين هما أعلى مراتب العبد، وقد وصفه الله بهما في مواضع من كتابه، وهما قوله: عبد الله ورسوله، ولم يحب أن يرفعوه فوق ما أنزله الله عز وجل من المنزلة التي رضيها له، ومع هذا التواضع أجمع أهل العلم على أنه أشرف الخلق، وأفضلهم على الإطلاق.


١ أحمد (٣/٢٤٩) .
٢ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٤٥) , وأحمد (١/٢٣ ,١/٢٤ ,١/٤٧) .
٣ البخاري: الشهادات (٢٦٦٢) والأدب (٦٠٦١ ,٦١٦٢) , ومسلم: الزهد والرقائق (٣٠٠٠) , وأبو داود: الأدب (٤٨٠٥) , وابن ماجه: الأدب (٣٧٤٤) , وأحمد (٥/٤١ ,٥/٤٥ ,٥/٤٧) .
٤ مسلم: الزهد والرقائق (٣٠٠٢) , والترمذي: الزهد (٢٣٩٣) , وأبو داود: الأدب (٤٨٠٤) , وابن ماجه: الأدب (٣٧٤٢) , وأحمد (٦/٥) .

<<  <   >  >>