للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه (١)

ــ

= إلى أن قال:

ليس العبادة غير توحيد المح ... بَة مع خضوع القلب والأركان

وهذا هو الذي اعترف به المشركون، وهم بين أطباق الجحيم، أنهم صاروا في الجحيم بسببه حيث قالوا: {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ١، ومن المعلوم أنهم ما ساووهم به في الحلق والتدبير، إنما ساووهم به في هذه المحبة، فدلت الآية على أن من اتخذ ندا مع الله يحبه كمحبة الله فقد أشرك الشرك الأكبر المنافي للتوحيد، فإذا عرفنا أن هذا شرك، فالتوحيد ضده، وهو أن يفرد الرب بهذه المحبة المختصة التي هي التوحيد، وبذلك ظهر معنى التوحيد وتفسيره، وشهادة ألا إله إلا الله. وأما محبة الملائمات وهي المحبة الطبيعية فلا تكون شركا، ويأتي بيان ذلك في بابه إن شاء الله تعالى.

(١) أي وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو مالك اسمه سعد بن طارق، كوفي ثقة مات في حدود الأربعين ومائة، وأبوه طارق بن أشيم الأشجعي صحابي له أحاديث. ورواه أحمد بلفظ " من وحد الله، وكفر بما يعبد من دون الله " ٢ فهذا يفسر لا إله إلا الله، فعلق صلى الله عليه وسلم عصمة المال والدم في هذا الحديث بأمرين: الأول: قول لا إله إلا الله عن علم ويقين، كما قد قيد ذلك في قولها في غير ما حديث، فإن من قالها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قبل وجود النفاق، لا يقولها إلا عن صدق وعمل بها، وعلم بما دلت عليه من النفي والإثبات. والثاني: الكفر بما يعبد من دون الله، فلم يكتف باللفظ المجرد عن المعنى، بل لا بد من قولها والعمل بها، والبراءة مما ينافيها؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم علق عصمة الدم بالأمرين جميعا، قولها عن علم ويقين، والكفر بما =


١ سورة الشعراء آية: ٩٨.
٢ مسلم: الإيمان (٢٣) , وأحمد (٣/٤٧٢ ,٦/٣٩٤) .

<<  <   >  >>