" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي رجلا في يده حلقة من صفر (١) فقال ما هذه؟ قال من الواهنة (٢) . فقال انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا (٣) ،
ــ
= أسلم قديما هو وأبوه وأخته، وكان ببلاد قومه، ثم تحول إلى البصرة إلى أن مات بها سنة ٥٢هـ.
(١) وفي رواية الحاكم: "دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عضدي حلقة صفر"، فالمبهم في رواية أحمد هو عمران راوي الحديث، والحلقة كان المشركون يجعلونها في أعضادهم، من نحاس أصفر وغيره، يزعمون أنها تحفظهم من أذى العين والجن ونحوهما، وكذا لبس حلقة الفضة للبركة، أو لمنع البواسير، وخواتيم لها فصوص مخصوصة للحفظ من الجن وغيرها.
(٢) يحتمل أن الاستفهام للاستفصال عن سبب لبسها، ويحتمل أن يكون للإنكار، قال الشارح: وهو أظهر. ولفظه: "ويحك ما هذه"؟ قال: من الواهنة، والواهنة عرق يأخذ بالمنكب وباليد كلها فيرقى منها، وقيل: مرض يأخذ بالعضد، أو ريح فيه تأخذ الرجال دون النساء، وربما علق عليها جنس من الخرز يقال له خرز العصمة، وإنما نهى عنها لأنها إنما تتخذ لتعصم من الألم، وفيه اعتبار المقاصد.
(٣) انزعها بكسر الزاي، وأصل النزع الجذب بقوة والقلع، من نزعت الشيء من موضعه نزعا من باب ضرب، قلعته وانتزعته مثله، أي انبذها عنك. وهو لفظ أحمد، وهو أبلغ، فإنه يتضمن النزع وزيادة، وهو الطرح والإبعاد، وهذا زجر له وإنكار عليه، وقد أخبره صلى الله عليه وسلم أنها لا تنفعه بل تضره، وأن هذا الداء الذي لبسها له لا يزول، بل لا تزيده إلا وهنا أي ضعفا، معاملة له بنقيض قصده؛ لأنه علق قلبه بما لا ينفعه ولا يدفع عنه، وكذا كل أمر نهى عنه فإنه لا ينفع غالبا، وإن نفع بعض النفع فضرره أكبر من نفعه، وابتلاء من الله وامتحان. وهكذا =