أهدى إلى الماء فإذا لمحها ببصره تبعها بعدوه الشديد حتى لا تغيب عنه، وتقدم شهرته في العدو حتى أن المسافات بين الأماكن تكاد تمحى، والبعد يطوى إذا ما حرك ساقيه كما يقول عن نفسه:
وخرق كظهر الترس قفر قطعته ... بعاملتين ظهره ليس يعمل
فألحقت أولاه بأخراه موفيا ... على قنة أقعى مرارا وأمثل
٨ ومن الصور المشعة التي تطالعنا عبر حديث عن نفسه والتي تحمل معنى الفخر والتباهي حديثه عن الجنايات التي ارتكبها وتصويره لها بأنها ذات عيون تستحث إلى مكروهه وتسعى لتدميره، وأنها لكثرتها وحرص كل منها على الظفر به لتنال منه نشأ بينها صراع وخصام وأخيرا استقر رأيها على أن تقترع على لحمه، وتلقي كل جناية بسهم - والسهم الفائز يستأثر صاحبه بالشنفرى:
طريد جنايات تياسرن لحمه ... عقيرته لأيها حم أول
وكأن الأعداء لا يطلبونه وإنما تطلبه هذه الجرائم وتلك الجنايات التي خلفها وراءه، والتي باتت يقظى لا تكتحل بالنوم ولا يطبق أجفانها حتى تتمكن منه وكأنها آلت على نفسها ألا تهدأ أو تنام