مضجعة وتمنع عنه النوم: طريد جنايات، تياسرن لحمه، لأيها حم أول تنام يقضي عيونها، إلى مكروهه تتغلغل.
وبهذا نجد أن طبيعة التجسيد عنده تعني التعبير بالمشهد أو الحادثة كما في تصويره لحالة الذئب والذئاب الرفاق وقد استبد بها الجوع، أو حديثه عن إحدى غاراته في ليلة مظلمة شديدة البرد، أو التعبير بالصورة الفنية كما تقدم في تشبيهاته واستعاراته أو كناياته الفطرية اللطيفة التي نقع عليها، أو التعبير بالكلمة الموحية المشعة التي لا يكاد يخلو منها بيت أو بيتان متجاوران، بحيث يضع المعنى أمامنا وكأننا نبصره أو نستطلعه، بدلا من أن نفهمه فهما ذهنيا.
وكثيرا ما يلقانا التعبير عن خواطره بالكناية كقوله أقيموا صدور مطيكم كناية عن التحول والتهيؤ؛ لأن المطايا إذا سارت رفعت صدورها، وآلف وجه الأرض كناية عن ملازمة الهموم له وقوة تحمله بأهدأ تنبيه, سناسن قحل كناية عن الهزال والضعف وبروز العظام، ومثله وأعدل منحوصا ٤٣، وقوله يوم ... يذوب لوابه، وعن الأفاعي، في رمضائه تتململ كناية عن شدة القيظ وحرارة الشمس التي لا تطاق، فهو حر يذيب رأس الضب كما يقولون.
وأستف ترب الأرض كناية عن اعتزازه بنفسه واعتداده بكرامته، فأكل التراب أهون عليه من أكل ما لذ وطاب من يد منان أو متطول عليه.