وبعد أن صور حال قومه أخذ يصف لهم حال عدوهم، فهم قوم لادين لهم ولا ذمة عندهم فلا يراقبون ربهم ولا يحفظون ميثاقهم، وأن صدورهم لتمتلئ حقدا وغضبا عليكم ولذلك يعمدون إليكم قاصدين أنيشفوا نفوسهم ويذهبوا غيض قلوبهم فلا تمكنوهم من ذلك، وقد ضموا إلى كثرة عددهم كفاءتهم الحربية وتمرسهم بالقتال فليسوا كغثاء السيل لا غناء فيهم ولا وزن لهم وأنما هم أولو باس وشدة يستهينون بالصعاب ويقتحون الحصون المنيعة فيدكونها على اصحابها.
وهم متشوقون للقائكم مستعدون لدحركم ياتون إليكم سراعا بعد ان أعدوا العدة وأخذوا الأهبة يحملون لكم معهم الموت الذؤام، في حين أنكم غافلون عما يدبرلكم لاهون عما بكم ويجري من حولكم ولقد بلغت قوتهم حدا لو أنهم توجهوا بجموعهم الغفيرة نحو الجبال الشم لتصدعت من حدة اصواتهم وتهاوت من الضوضاء والجلبة التيتحدث من إجتماعاتهم.
لقد جعلوا لقائكم والظفر بكم شغلهم وأملهم المرتقب، ولذلك كانوا في استعداد دائم وتأهب مستمر لا يغفلون عن ذلك ساعة من ليل أو نهار آما أنتم فتنامون ملء عيونكم غير عابئين بما يدبر لكم غافلون عما ينتظركم، وهم حين يصلون إليكم يحدقون بابصارهم فتخرج من عيونهم أشعة اشبه بنار الحريق وكأنه اللهب يريد أن لهم نظرات قاتلة يرهبون بها أعداءهم وليس لهم ما يلهيهم، أو يشغلهم عن التهيؤ للقائكم وكيف ينشغلون بغيركم وهم يرون سعادتهم في استئصال شأفتكم والقضاء عليكم.