للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويضرب الشاعر صفحا عن حديث الذكريات حديث الحب والوله الذي جعله مقدمة لقصيدته؛ ليأخذ في غرضه الأصلي, فيناجي من يتوجه إلى قومه طالبا رفدهم, منتجعا فضلهم, مجدا في سوق راحلته؛ ليبلغهم رسالة إنذار وتحذير؛ ليعدوا العدة, ويتخذوا الأهبة, قبل أن يغزوهم كسرى, ثم يطلب منه أن يبلغ قومه إيادا بفداحة الخطب, وخطورة الموقف, وأن يخص بالتبليغ سادة القوم وأهل الرأي فيهم, فزمام الأمور بيدهم, ولهم تنقاد القبيلة, فقد اتضح الموقف, وظهر العدو على حقيقته، ورأيه الذي بعث به إليهم ناصع ويرجو ألا يخالفوه.

ثم أخذ في رسم صورة حقيقية لما عليه قومه, فهو يرثي لحالهم ويأسى لتفرق كلمتهم وتشتيت أمرهم, بينما عدوهم الذي يتربص بهم الدوائر قد أجمع أمره ووحد صفوفه, منتظرا لحظة الإنقضاض عليهم، والثأر منهم، فهم في تراخيهم وغفلتهم عما يدبر لهم, ورضاهم بما هم عليه دون أن يفكروا في العواقب, كالسفينة التي تجري في مجرى صالح للملاحة وتظل على ذلك مدة ثم لا تلبث أن يتعطل سيرها ويتوقف جريها, بسبب جفاف الماء أو عطل أصابها فتبيت في قاع اليم، ثم أخذ يحثهم على التيقظ لملاقاة عدوهم ويهول من شأنه فينكر عليهم تراخيهم واستهانتهم، ولذلك يدعو عليهم بقوله لا أبا لكم وكيف يتأتى ذلك منهم مع أن أعداءهم لا يحصى عددهم وسيأتون إليهم مسرعين.

<<  <   >  >>