تعبر هذه الأبيات عن الهموم التي تعتري الشاعر من صراعه من بني قومه، ومن المجتمع الذي ينتمي إليه، فقد بدأها بالحديث عما يحس به من نفرة وسأم وملل راح بسبب ذلك يتهيأ للرحيل عن قومه مخاطبًا إياهم بأن يقيموا صدور مطيهم لا ليرحلوا هم وأنما ليستعدوا لرحيله، فقد كره مقامه بينهم ورغب في مكان سوى هذا المكان، وبرحيله أصبحوا لا مكان لهم فمن الخير أن يرحلوا كذلك، وقد عقد العزم على ذلك وصار مقتنعًا بمسلكه وما يقوم عليه من التصرف، فلم ير في قومه من الشمائل ما يشجعه على البقاء بينهم والحفاظ على ودهم فليضرب في جنبات الأرض الفسيحة مرددًا قول الشاعر:
إذا أنت لم تكرم بأرض فارتحل ... فلا خير في دار يهان كريمها
وهو واثق أن الأرض لن تضيق بأمثاله ممن يأبون الضيم ويرفضون المهانة والمذلة بل فيها متسع لمن يمشي في مناكبها يطلب العيش الكريم.