لا تثمروا المال للأعداء إنهم ... إن يظهروا يحتووكم والتلاد معا
فهو يختار من المؤثرات ما يهز القلوب لهذه الغفلة، وينتخب من المعاني ما يناسب الموقف ليلهب حماسهم ويبعث فيهم الحمية واليقظة:
يا قوم لا تأمنوا إن كنتم غيرا ... على نسائكم كسرى وما جمعا
ويؤكد تحذيره لهم ويقويه بأكثر من مؤكد، بالقسم في قوله: والله ما انفكت الأموال مذ أبد وبأن واسمية الجملة إن العدو بعظم منكم قرعا وفيها كناية لطيفة عن نذر الحرب ومقدماتها.
وتتجلى عاطفة الشاعر نحو قومه، عاطفة الحب والولاء في هذه النصائح المتكررة، وفي التحذير المصحوب بالدليل، لأنه يرى ما لا يرون، وفي النداء المتكرر بقوله يا قوم، مع إضافته لضمير المتكلم مما يوحي بحبه لهم وإشفاقه عليهم، نظرا لوشائج القربى وعلائق النسب الوثيقة التي تربطه بهم، وفي الاستفهام المتضمن معنى التمني في قوله: فمن رأى مثل ذا رأيا ومن سمعا يتمنى أن يروا جميعا مثل رأيه وأن تقرع كلماته أسماعهم وتجد طريقها إلى قلوبهم، ولعل في كل ذلك ما يدعوهم إلى الاستجابة لأن هذا النصح وذلك التحذير صادران من مخلص أمين يخفق قلبه بحبهم.