فمضى يطوف في أرض الجزيرة لا يستقر في مكان، حيث ذهب إلى اليمن، ثم رحل إلى النجاشي في الحبشة، ولما أفزعته الغربة وأشتد حنينه إلى بلده, عاد إلى الوطن الذي هجره فأمده أخوه معبد من ماله، ولكنه أتلفه في لذاته ولهوه.
أخيرا قصد عمرو بن هند ملك الحيرة أملا في اصطلاح حاله، وفد عليه مع خاله المتلمس فأحسن وفادتهما لكنه ما لبث أن تطاول على عمرو بن هند وأخيه قابوس فهجاهما حيث قال:
فليت لنا مكان الملك عمرو ... رغوثا حول قبتنا تدور
لعمرك أن قابوس بن عمرو ... ليخلط ملكه نوك كثير
وقد نقل أهاجي طرفة ابن عمه عبد عمرو، فأثار ذلك حفيظة الملك عليه، وحمله رسالة إلى عامله بالبحرين يأمره بقتل طرفة، ولم يدر طرفة ما بداخل الصحيفة حتى وصل إلى عامل البحرين فدفع إليه كتاب عمرو، وتقول بعض الراويات أنه حين قرأ الكتاب وعرف أن طرفة مقتول، قال له اختر لنفسك ميتة، قال طرفه إن كان ولا بد فاسقني الخمر وافصدني، ففعل به ذلك فما زال ينزف دمه حتى مات، وكان سنه إذ ذاك خمسا وعشرين سنة أوستا وعشرين على اختلاف الروايات، إذ تقول أخته الخرنق تبكيه: