للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي تغشى الأشياء، وتطمس واقعها، شأن طرفة، فعالمه الفني هو انعكاس هادئ لعالمه الواقعي١.

فهو من طراز آخر غير طراز امرئ القيس وغيره، إذ لم يكن مفتونا بالنساء وتصوير مغامراته القصصية معهن.

وهو ميال بطبعه إلى الوعظ والإرشاد، ودعوة الناس إلى الخير والصلاح، وله بعض الأبيات التي تدل على إيمانه بالله واليوم الآخر، وما فيه من حساب وثواب وعقاب كقوله:

فلا تكتمنَّ الله ما في نفوسكم ... ليخفى ومهما يكتم الله يعلم

يؤخرْ فيوضع في كتاب فيدخر ... ليوم الحساب أو يعجل فينقم

فكأنه بذلك أحد المتحنفين الذين عاشوا قبل الإسلام وبرزت بعض مبادئهم في شعرهم.

ويظهر أنه عمَّر طويلًا، إذ يقال إنه أدرك الاسلام وله مائة سنة، ولم يسلم٢, والصحيح أنه مات قبل الإسلام بمدة قليلة، والذي أدرك الاسلام حقا ابناه: بجير وكعب، وقد أسلما وحسن إسلامهما٣.


١ موسوعة الشعر العربي: جـ ٣٠٩/٢.
٢ الأغاني: جـ ٢٩١/١٠.
٣ العصر الجاهلي: صـ ٣٠٥.

<<  <   >  >>