خصمه، منهم من يستسلم, ومنهم من يفر خوفًا على حياته وطلبًا للنجاة من هلاك محقق.
وهو دائما متفوق على أعدائه، إذا رموا بالنبل من مكان بعيد طعنهم بالرمح, فإن طعنوا بالرمح دخل تحت الرماح وأعمل فيهم السيف، فإن ضربوا بالسيوف لوى أعناقهم، فهو سابق في كل حال، فيصل بصفة الشجاعة فيه إلى أقصى درجاتها:
يطعنهم ما ارتموا, حتى إذا طعنوا ... ضارب, حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا
يطعن الطعنة النجلاء، وما يزال كذلك حتى تنحسر غمرات الحرب، ويضاف إلى شجاعته، قوة بيانه وفصاحة لسانه، يقف وسط الندي فيبهرك بمقولته ويدل بحجته، لا تتحيفها عجمة ولا ينقصها وضوح, فيستولي على قلوب السامعين ويأسرهم بعذب منطقه وقوة حجته.
فبعد أن وصفه بالكرم والشجاعة يصفه بالبلاغة، وأنه لا يعيا بحجته إذا قام وسط الندي، وأخيرا يختم مدحته بهذا البيت الرائع الذي يدل على أن الفضائل تجسدت فيه، ففاق الناس جميعا:
لو نال حيٌّ من الدنيا بمنزلةٍ ... أفق السماء, لنالت كفه الأفقا
أي لو بلغ إنسان بمجده عنان السماء ولو وصل بسعيه الجوزاء, لكان هرم بن سنان.