كأن ريقتها بعد الكرى اغتبقت ... من طيب الراح لما يعد أن عتقا
وفي البيت الأول نجد صفات متتالية للظبية تعود في النهاية لمحبوبته، بينما الصفات في البيت الثاني تعود إلى الحبيبة مباشرة، وكلها تتعاون وتتآزر للوفاء بحق المعنى، وكذلك تشبيه الضفادع التي تحبو في الجداول والحفر بالصبيان اللاعبين حتى إذا أدركها الماء علت إلى جذوع النخيل تريد أن تتقيه.
وحين يتحدث عن كرم هرم يلجأ إلى الصورة التي تحتاج إلى إعمال الفكر وقدح الذهن للدلالة على مهارته الفنية كقوله:
قد جعل المبتغون الخير في هرم ... والسائلون إلى أبوابه طرقا
وقد أعجب النقاد بهذه الصورة، إذ جعل أقدام السائلين تترك آثارها وتمهد طرقا إلى بيت هرم، وهنا يستنبط السامع ما وراء هذه الصورة ودلالتها على كرم هرم لكثرة قصاده وطالبيه.
كما نراه يشبهه بالجواد مرة وبالليث مرة أخرى، إلى غير ذلك من الصور التي يستمدها من مصادرها البدوية، وهو أمر طبيعي، فقد أدارها حول الدلو والجدول والناقة والفرس، والبستاني والسائق، وغير ذلك، وصورة تعي الزمان كما تستوعب المكان، فهو يعطينا الزمان في مثل قوله يوم الوداع فأمسى رهنها غلقا كما تصور المكان في مثل قوله قامت تبدي بذي ضال لتحزنني وقوله ليث بعثر يصطاد الرجال وقوله من ماء لينة إلى آخر ما اشتملت عليه القصيدة كلها من الأزمنة والأمكنة.