وزهير في هذا الجزء الذي جعله للمديح يغلب على أسلوبه التقريرية والمباشرة لأنه يقرر حقيقة ويصف واقعا، وكأن وصفه بهذه الصفات لا يماري فيها السامع ولا يجادل، ولذلك فهو لا يحتاج في إثباتها له سوى الإخبار عنها.
كما أن أسلوب القصيدة واضح إذ تدل عبارته على المعنى دون الحاجة إلى كد الذهن، أو إجهاد الفكر، وتلك خاصة من خواص شعر زهير، مع أنه شاعر صنعة، ينقح شعره ويجوده، ويبيت بأبواب القوافي يتودد إليها وينفي عنها ما يشينها حتى تخرج مستوية متناسقة وهو في صنعته يستوفي ضروب الكمال والإتقان، فليس في قوافيه نشاز من إقواء أو غيره، أو اجتلاب للقافية وإكراها في موضعها، بل هي متمكنة في مكانها محكمة في صنعتها، ولكن المبالغة في الشيء والإفراط فيه، قد يفضي إلى ضده، فيظهر أثر التكلف في القافية أحيانا، وذلك مثل قوله: ومن أعناقها الربقا.
فقد أراد بالربق الأغلال، لكن القافية ألزمته أن يعبر عن الأغلال بالربق وقوله: تسقي جنة سحقا فوصف المفرد بالجمع وأراد بالجنة بستان النخيل، وقد يكون المراد تسقي جنة ذات سحق أي ذات بعد، يريد أنها متباعدة الأقطار والنواحي١.
ومن ذلك قوله:.............. قد أحكمت حكمات القد والأبقا أراد وحكمات الأبق، فنزل على حكم الروي.