للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي القصيدة عناية بموسيقاه وألحانه الداخلية بجانب العناية بالوزن والقافية، فأحيانًا يقسم البيت تقسيمات موسيقية، تنتقي بسجعات مكررة، كقوله:

بجيد مغزلة أدماء خاذلة ... من الظباء تراعي شادنا خرقا

وهذا ما يسمى بالترصيع ويعدون ذلك من جمال الصنعة١, ومن التقسيم الذي نلمح فيه التوازن الموسيقي ما نجده في قوله:

بل اذكرن خير قيس كلها حسبا ... وخيرها نائلا وخيرها خلقا

فبين قوله: خيرها حسبا، وخيرها نلائلا، وخيرها خلقا توازن، موسيقي، وتكرار لفظي يجعل الأذن تستريح لسماعه، وتشوق لتكراره فيستقر المعنى، ويثبت في الأذهان. ومن حسن التقسيم الذي استقصى فيه الشاعر جميع ما أبتدأ به قوله:

يطعنهم ما ارتموا حتى إذا طعنوا ... ضارب حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا

وقد علق ابن رشيق على هذا البيت بقوله: فأتى بجميع ما استعمل في وقت الهياج، وزاد ممدوحه رتبة، وتقدم به خطوة على أقرانه، ولا أرى في التقسيم عديل هذا البيت، ويليه في بابه قول عنترة٢:

إن يلحقوا أكرر وإن يستلحموا ... أشدد وإن يلفوا بضنك أنزل


١ نقد الشعر لقدامة بن جعفر: صـ ٤٠.
٢ العمدة: حـ ٢٣/٢.

<<  <   >  >>