للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسرعة سيره، فهذا مظهر من مظاهر الصمود والمعاناة التي يتعرض لها الصعلوك.

وينتقل من الحديث عن صفته الجسمية إلى صفاته النفسية، وهي القدرة على التحمل، ومداومة الصبر على الجوع الشديد، وله طريقته الخاصة في التغلب عليه، حيث يشاغل الجوع الشديد، وله طريقته الخاصة في التغلب عليه، حيث يشاغل الجوع ويتجاهله ويماطله حتى يفنيه فيتناساه، وكأنه غير جائع، لأنه لا ييأس من الحرمان، وإنما يصبر انتظار اليسر، وتبدل الأحوال.

وتصل به عزة النفس مداها إلى الحد الذي يفضل معه أن يذرع الصحراء ويخترق شعابها ودروبها، ويستف تراب الأرض على أن يمد يد الضراعة لأحد، أو يمد أحد إليه يده بفضل أو نعمة يمن بها عليه فيجرح مشاعره ويطعن كبرياءه، وعلاقة هذا البيت وهو ٢٢ بما قبله واضحة، فإذا كان يتغلب على الجوع حتى ينساه أو يميته، فإنه هنا على فرض عدم صبره عليه لا يمد يده لأحد إكراما لنفسه من التطلع إلى ما عند غيره من الناس، ممن يمن بفضله، ويستكثر إحسانه ولو أداه ذلك إلى لعق تراب الأرض، في الوقت الذي تتلوى فيه أمعاؤه من الفاقه والحرمان.

وليس حاله تلك عن ضعف أو عجز، فلولا أنه يربأ بنفسه عن العيب، ولولا كراهيته للذم لاستطاع أن يحصل على كل ما يعاش

<<  <   >  >>