ويعرض الشاعر هنا لما يكفيه من الطعام، فهو يسعى مبكرًا مع اكتفائه باليسير من الزاد الذي لا يتناسب مع كثرة حركته، وماذا يفعل وحياة الصعلكة والعدو في الصحراء تجلعه يتخفف من الطعام مضطرًا لأنه لا يجد منه إلا ما يقيم أوده ويمسك حياته، فهو صاحب مقدرة على الانتفاع بالقليل، وفي سياق حديثه عن الجوع الشديد الذي يتعرض له فسبب نحول جسمه وقلة لحمه يشبه نفسه بذئب أصابه الهزال من شدة الجوع فأخذ يتنقل في الفلوات، وتتقاذفه المفازات بحثًا عن الطعام، ووجه الشبه بينهما شدة الجوع الذي أصاب كليهما وحاجة كل منهما للبحث عن الطعام، أو المقصود أنه يعدو وفي طلب الطعام عدو الذئب، ويبدو أن صورة الذئب الذي جعل نفسه شبيهًا به قد استبدت بالشاعر وسيطرت على مشاعره، فترك الحديث عن نفسه، وأخذ يرسم بعد ستة اللاقطة أوصافًا متعددة لهذا الذئب ورفاقه، فلقد خرج الذئب جائعًا في أول النهار وهو يسرع في طلب فريسته يستقبل الريح ويعدو هنا وهناك في الشعاب ينقض مرة على صيد، ويسرع في مطاردته مرة أخرى، فهو دائم الحركة، وحين استبد به الجوع وعز عليه العثور على الطعام في الأماكن التي يظن وجوده بها أخذ يعوي ويصيح مستغيثًا، فأجابته ذئاب تشبهه وبادلته الصياح والعويل، حالها كحاله قد نالها