الوجه كريهة المنظر، يريد أن يقول إن الهزال أصاب كل جزء في أجسامها حتى الشفاه إذا فتحت فاهًا بدت مرتخية، وإن أغلقته فنهايته صارت مجرد خط رفيع أشبه بالشقوق، وهذا من دقة الوصف والحرص على اكتمال الصورة وتوضيح كل جوانبها بحيث لا يند منه وصف، أو تفوته صورة.
وبعد هذا التصوير يلتفت الشاعر إلى العواء المتبادل بين الذئب الجائع وجماعته فحين ضج الذئب بالعواء والصياح، جاوبته الذئاب الأخرى من حوله فأصبحت الأصوات المنبغثة لاختلاف درجتها وشدتها وتداخلها كأن هذه الذئاب في مأتم تنوح فيه نساء ثكلى فوق ربوة عالية، فصياح الجميع كصياح نساء معولات فوق مرتفع من الأرض لفقد أولادهن، فالذئب استعوى أشباهه فعوت، كما تهيج النائحة بقية النساء في مأتم.
ثم يقول أن الذئب الجامع والذئاب الرفاق تجمعها حالة واحدة وإحساس مشترك بألم الجوع، فلما يئس الذئب من الطعام ولم يفده العواء سكت ولم يضج فسكت أخوانه، وتعزى هو عن فقد القوت، وتعزت هي به، فكلاهما يعزي الآخر ويتأسى به في الصبر والتجلد على الجوع.
ويبدو أن الذئب نفد صبره ولم يطق الصمت فشكى حاله لرفاقه بالعواء والضجيج فتشكت الذئاب كذلك وأظهرت حالها، ثم كف